"إن علاج السرطان، والتعافي من السرطان، هو مدرسة للتواضع والعزيمة الجماعية والمتضامنة. ويمكن أن تصبح هذه القضية الكبرى بالنسبة لنا جميعا عملا استثنائيا لتقاسم الحس الإنساني والأمل. ذلك، أن ما كان يبدو مستحيلا بالأمس، هو في طريقه إلى التحقق اليوم. وكل المؤشرات المتوفرة تدل على ذلك. في جميع
أنحاء العالم، تحولت محاربة هذا الداء، الذي كان يعتبر لمدة طويلة بمثابة قضاء وقدر، إلى ورش هائل للحياة.
وسوف لن يتجاهل هذا الورش أي سبيل من شأنه أن يمد العلم بالوسائل لضبط و كسب هذا التحدي الذي يعتبر بالنسبة للمنتظم الدولي أولوية العصر الحديث. وقد أصبح هذا التحدي رهانا مجتمعيا فعليا، يشهد كل يوم تساقطا تدريجيا للحواجز السيكولوجية التي أعاقت لفترة طويلة الكشف والتشخيص المبكر، وعطلت الوقاية، وحرمت مرضى عديدين من العلاجات التي كانوا في حاجة إليها. وبحكم تشبثها بالوضوح والدوام، وتطعيمها بالتربية، ودعمها بالإعلام، فرضت هذه الدينامية ذاتها علينا، كامتداد للمشروع المجتمعي الكبير الذي رسم معالمه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي دعم عزمي على تأسيس جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان. ولم يكن قراري سهلا، لأن الجميع يمكن أن يفهم أن الاهتمام بهذا الداء لا ينبع فقط من اللياقة.
إنه قرار صعب يعبر عن انخراط عميق حتى تتغير نظرة مجتمعنا للسرطان، وحتى نساعد ونجمع كل من يرغب في أن يكون المغرب قادرا غدا على تقديم جواب شامل وعادل ومتسم بالخبرة، لمن يعاني من هذا الداء. حاليا، يعرف المصابون بداء السرطان أن لهم المزيد من الحظوظ لكسب هذه المعركة، وأن لهم حقوق يجب أن تُحتَرم لبلوغ ذلك، أي الحق في المساواة في العلاج، والحق في الاحترام، والكرامة، والأمل.
ويتعين أولا الاعتراف بهذه الحقوق، وترجمتها على أرض الواقع، تدريجيا وبدون أي تنازل، مع العمل قدر المستطاع على ضمان لكافة المواطنين نفس التشخيص ونفس العلاج، والولوج دون أي تمييز للاختراعات العلمية والطبية، والتكفل بكل سرطان ضمن خصوصيته. مما يفترض رؤية شاملة ومنسجمة تتمحور حول إستراتيجية طويلة الأمد، عليها أن تؤسس مصداقيتها وفعاليتها على الجودة الاستثنائية لمواردنا البشرية. إنها إستراتيجية طموحة لأنها مشروعة، قد تتمكن أيضا من تعبئة كل الفاعلين والواصفين الضروريين من أجل مقاربة ستضمن اهتمام ومساهمة الجميع.
إننا ندرك بالفعل، أننا سنواجه السرطان في يوم ما، مباشرة أو عن طريق أحد الأقارب. كما أننا ندرك أنه علينا الآن أن نجتمع لمواجهة الداء، حتى نكسب في يوم ما معركة الحياة هذه، وهذه المعركة من أجل الحياة. هذه القناعة تعد محور الالتزام الذي أعرضه عليكم. جميعا، وبإذن الله سننتصر يوما على السرطان.
وذلك، لأن جمعيتنا سوف تساهم في تحويل الآمال إلى نتائج ملموسة، ولأننا سنستطيع، مرة أخرى، أن نعطي لثقافة التضامن الخاصة بنا بعدها العميق، وهي الرافعة العريقة والإسمنت الثابت الذي يوحد ويجمع المجتمع المغربي".
صاحبة السمو الأميرة للا سلمى